مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

الإيمان قول ، وعمل ..

يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ..

يزيد بالتفكر ، وينقص بالغفلة ..

يزيد بالتصديق والامتثال ، وينقص بالشك والإعراض ..

هيا نؤمن ساعة .. مدونة تزيدك إيمانا ..

بعلم نافع تتعلمه .. بعبرة تعتبر بها .. بسنة تمتثلها .. بآية تتدبرها .. بشبهة تمحوها ..

صفحاتها : روضة من رياض الجنة

تأنس فيها بذكر الله .. وترضى فيها بشرعه .. وتتدبر أمره ونهيه ..

اغتنم خيرها بالعمل بما فيها ، والدعوة إليه .

كان من دعاء ابن مسعود رضى الله عنه :

" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


الخميس، 2 يونيو 2011

المطلب الثانى عشر : المحكم والمتشابه


[ المطلب الثانى عشر]
المحكم والمتشابه والقول بالتفويض
·      تعريف المحكم والمتشابه لغة .
·      المحكم والمتشابه فى الاصطلاح .
·      القرآن متشابه فى البلاغة والإعجاز .
·      القرآن محكم باعتبار وضوح معناه .
·      القرآن الكريم فيه المحكم والمتشابه .
·      التفويض لغة واصطلاحا .
·      العقيدة السلفية فى فهم المعنى والكيفية .
·      دقة الفهم السلفى للمحكم والمتشابه .
·      توجيه الوقف فى الآية السابعة من آل عمران .
·      أمثلة معاصرة على عقيدة التفويض .






المحكم والمتشابه وحقيقة القول بالتفويض

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
    فى هذا المطلب بإذن الله نتناول الحديث عن معانى المحكم والمتشابه ، وحقيقة القول بالتفويض ، وذلك من خلال المحاور التالية :
تعريف المحكم والمتشابه لغةً
المحكم لغةً : من الحكم والإحكام والقضاء ، والعلم والفقه والحكمة .
الحكمة : معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم .
والمحكم : الذى لا اختلاف فيه ولا اضطراب .
المتشابه لغة:  المُشبَّهات من الأمور المشكلات ، تشابه الشيئان: أشبه كل منهما الآخر حتى التبسا. وشبه فلان علىَّ الأمر : إذا خلط الأمر واشتبه ، ولم يعرف .

المحكم والمتشابه فى الاصطلاح
    يمكن بالتتبع والاستقراء حصر الآراء التي فسرت معنى المحكم والمتشابه في القرآن الكريم في الوجوه الآتية:
1- المحكم : هو ما عُرف تأويله، وفهم معناه وتفسيره .
    والمتشابه : هو ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل.

2- المحكم :  ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً .
    والمتشابه : ما يحتمل وجوهاً، فإذا رُدَّت إلى وجه واحد وأبطل الباقي، صار المتشابه محكماً.

3- المحكم : ناسخه وحرامه وحلاله وفرائضه ، وما نؤمن به ونعمل عليه
    والمتشابه : منسوخه وأمثاله وأقسامه ، وما نؤمن به ولا نعمل به.

4- المحكم : الذي ليس فيه تصريف ولا تحريف عما وضع له .
    والمتشابه : ما فيه تصريف وتحريف وتأويل.

5- المحكم : ما كان قائماً بنفسه، لا يحتاج إلى أن يرجع فيه إلى غيره .
     والمتشابه : ما يرجع فيه إلى غيره.

القرآن متشابه فى البلاغة والإعجاز
    قال الله U:
" اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ
       تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ " ( الزمر : 23 )
    جميع آيات القرآن متشابهة من حيث الصحة والإحكام ، وإعجاز الصياغة فى الكلام ، والبناء على الحق والصدق وهداية الخلق ، وتناسق ألفاظه فى البلاغة والإصابة ، وتجاوب نظمه فى الإعجاز والتحدى .
القرآن محكم باعتبار وضوح معناه
    قال الله U:
" الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " ( هود : 1 )
    جميع آيات القرآن قد نظمت نظما محكما ، لايعتريه إخلال فى لفظه ومعناه ، ولا فى هدفه وغايته . أو أنها أحكمت بالحجج والدلائل ، واشتملت على أمهات الحكم النظرية والعملية .
    فالقرآن بهذا المعنى : محكم فى تشابهه ، متشابه فى أحكامه .

القرآن الكريم فيه المحكم والمتشابه
    قال الله U:
" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ " ( آل عمران : 7)
    قد يرد لفظ المتشابه فى القرآن مقولا على بعض منه مخصوص ، قسيما للبعض الآخر الذى يقال عليه وصف ( المحكم )، وبحيث لا يجتمع هذان الوصفان المتقابلان فى شئ واحد .

التفويض لغة واصطلاحا

التفويض لغة : فوض إليه الأمر تفويضا : صيّره إليه ، وجعله الحاكم فيه .
قال الله U:
" وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ " ( غافر : 44)
أى : أتكل عليه .
التفويض فى الاصطلاح : زعم الخلف الأشعرية أن عقيدة السلف فى الصفات الإلهية هى : تفويض العلم بالمعنى ، لا الكيفية .
    والتفويض عندهم هو : القول بأن معنى النص مجهول ، ولا يعلمه أحد من السلف ، لا من الصحابة ولا من التابعين ، وأنهم فوضوا العلم به إلى الله ، أو ردوا العلم بالمعنى إلى الله ؛ لعدم علمهم به ، كالأعجمى حين ينظر إلى القرآن .
    وحجتهم : اعتقادهم الخاطئ بأن نصوص الصفات موهمة للتشبيه والتجسيم ، وأن معانيها من المتشابهات .
    والأمر ليس كذلك ، فالسلف فوضوا العلم بالكيفية الغيبية فقط إلى الله ، وأما المعنى فهو معلوم واضح من دلالة اللغة العربية .  قال مالك رحمه الله " الاستواء معلوم " أى : معلوم المعنى  " والكيف مجهول " أى : مجهول للعقل البشرى بسبب عجزه عن إدراكه .

العقيدة السلفية فى فهم المعنى والكيفية
    قال الله U:
" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ " ( آل عمران : 7)
    كثير من علماء الخلف الأشعرية يعتبرون معانى نصوص الصفات الإلهية من المتشابه الذى لا يعلمه إلا الله ، مستدلين بهذه الآية .
    والمراد آيات الصفات الخبرية ، أو متشابه الصفات ، كالآيات التى جاء فيها ذكر صفات الذات والأفعال ، مثل الوجه واليد ، والجنب ، والفوقية ، والاستواء ، والمجئ ، والنزول ، والرضا ، والغضب ، وغير ذلك من الصفات الإلهية .
    قال الشيخ أحمد الرفاعى : " وصونوا عقائدكم عن التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة لأن ذلك من أصول الكفر .... فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالى عما دل عليه ظاهره ، وتفويض معناه المراد منه إلى الحق تعالى و تقدس ، وبهذا سلامة الدين " .
    فالمتشابه عندهم هو : اعتبار تلك النصوص تدل على ظاهر محال يحمل التشبيه والتجسيم ، ويجب صرفه عن الصورة المنفرة التى صورها لربهم ، فدعوا إلى ترك التأويل والبعد عن طريقة الخلف لعدم قناعتهم بها ، وطرحوا بديلا آخر أمام الناس ينسبونه لعقيدة السلف وهو :
    القول بأن نصوص الصفات الإلهية معانيها مجهولة ، كدلالة الألفاظ الأعجمية ، يفوض فيها الأمر والعلم إلى الله .
    وزعموا أن طريقة السلف هى : الكف عن معانى نصوص الصفات ، وعدم الخوض فيها .
    وهؤلاء إنما أُتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هى : مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك ، بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم : " وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ "( البقرة : 78) أى : إلا تلاوة من غير فهم معناه ، والإيمان باللفظ بلا معنى هو من جنس إيمان أهل الكتاب ، وليس هذا كالمؤمن الذى فهم ما فهم من القرآن ، فعمل به واشتبه عليه بعضه .
    وأن طريقة الخلف هى : استخراج معانى النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات ، حتى قالوا : طريقة السلف أسلم ، وطريقة الخلف : أعلم وأحكم .
    وسبب ذلك كما ذكره شيخ الإسلام ، اعتقادهم أنه ليس فى نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص ، وكان مع ذلك لابد للنصوص من معنى ، بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى ، وهى التى يسمونها طريقة السلف ، وبين صرف اللفظ إلى معان أخرى بنوع تكلف ، وهى التى يسمونها طريقة الخلف ، فاعتمدوا فى النفى على أمور عقلية ، ظنوها بينات وهى شبهات ، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه ، فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكاذبتين  ، كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين واستبلاههم ، واعتقاد أنهم كانوا قوما أميين بمنزلة الصالحين من العامة ، لم يتبحروا فى دقائق العلم الإلهى ، وأن الخلف الفضلاء حازوا قصب السبق فى هذا كله .
    وأما العقيدة السلفية فهى : اعتبار المتشابه من القرآن آيات معلومات المعنى ، واضحات الدلالة، ظاهرها مراد فى حق الله ، وليس كمثله شئ فى حقائقها ، وأن المجهول هو : كيفيتها .

دقة الفهم السلفى للمحكم والمتشابه

    لما آمن السلف بصفات حقيقية جاءت بها الأدلة السمعية ، وفقوا فى تفسير المحكم والمتشابه ، فهم يعتبرون معانى نصوص الصفات والغيبيات محكمات ، والكيفية الغيبية فقط من المتشابهات التى لا يعلمها إلا الله .
    أما إذا كان معنى النص معلوما ، والكيفية التى دل عليها معلومة أيضا ، كانت الآية محكمة لأهل العلم ، على تفاوتهم فى المعرفة والفهم ، كما هو الحال فى جميع آيات الأحكام .    فالقرآن كله محكم باعتبار المعنى الذى دل عليه اللفظ ، وأما باعتبار الكيفية ففيه المحكم والمتشابه . فليس فى القرآن كلام بلا معنى ، بل جميع آيات القرآن لها معنى معلوم عند الراسخين فى العلم .
    وعليه يحمل قول ابن عباس رضى الله عنهما : " أنا من الراسخين فى العلم "
    قال ابن تيمية رحمه الله فى قوله تعالى :
" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ " ( ص : 29 )
    " وهذا يعم الآيات المحكمات ، والآيات المتشابهات " . وقال : " فلم يستثن شيئا منه نهى عن تدبره ، والله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله ، وطلب فهمه ، ومعرفة معناه ، فلم يذمه الله ، بل أمر بذلك ومدح عليه ."
    وقد ذكر رحمه الله أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله ، أو قال : هذا من المتشابه الذى لا يعلم معناه ، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ، ولا من الأئمة المتبوعين إن فى القرآن آيات لا يعلم معناها ، ولا يفهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم ، وإنما قد ينفون علم بعض الناس وهذا لا ريب فيه " .
    وإذا قيل فى عرف السلف : هذا النص متشابه فيحمل على أنه متشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما فى جميع الأخبار والنصوص التى وردت فى وصف عالم الغيب ، فالنصوص التى وردت فى وصف الجنة مثلا معلومة المعنى ، مجهولة الكيفية ، فهى متشابهة باعتبار الكيف لا المعنى .
    وعلى ذلك فجميع آيات الصفات محكمة المعنى ، متشابهة فى الكيفية ، وهى مما استأثر الله بعلمه .
توجيه الوقف فى الآية السابعة من آل عمران

    أخبر الله تعالى أن فى القرآن " آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ " ، أى : بينات واضحات الدلالة ، لا التباس فيها على أحد ، سواء من جهة المعنى أو الكيفية ، وهى أصل الدين وقوام العبودية .
    وتتمثل فى الأحكام الشرعية الدينية ، فلابد من وضوح معانيها ، وبيان كيفيتها دون اشتباه ، ولذلك – والله أعلم – سميت نصوص التكليف بما تحويه من أحكام ( أحكاما ) لوضوح معناها ، والعلم بكيفية أدائها ، ككيفية أداء الصلاة والصيام والزكاة وأفعال الحج وما شابه ، فهذا محكم المعنى والكيفية ، فلو سأل مسلم أعجمى عن قول الله تعالى : " وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ " لقيل له بلسانه: الصلاة أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، فإن سأل عن كيفية أدائها ، يروى له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتمونى أصلى " .
    " وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ": كآيات الصفات من حيث اشتراك الألفاظ والكلمات عند تجردها عن الإضافة والكلمات عند تجردها عن التخصيص والإضافة والتركيب ، لا من حيث المعنى المراد ، ابتلى الله فيهن العباد – كما ابتلاهم فى الحلال والحرام – ألا يصرفن إلى الباطل ، ولا يحرفن عن الحق .
    ولهذا قال الله تعالى : " فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ " أى خروج عن الحق إلى الباطل " فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ " أى يأخذون منه بالمتشابه الذى يمكن أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها " ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ " أى : تنزيله على ما يريدون .
    قال تعالى : " وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ " يجب الوقف ها هنا إذا كان المقصود هو : العلم بكيفية الحقائق الغيبية والصفات الإلهية .
    ويجوز الوقف على قوله تعالى : " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ " إذا كان المقصود هو العلم بمعانى الآيات القرآنية المتعلقة بالخالق أو المخلوق ، وكذلك كيفية أداء الأحكام الشرعية ، أو كيفية ما دلت عليه الآيات فى الإخبار عن سائر المخلوقات فى الدنيا .
    قال ابن كثير : " وأما إن أريد بالتأويل : التفسير والبيان ، فالوقف على قوله : " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ " لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار ، وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ماهى عليه".
أمثلة معاصرة على عقيدة التفويض
(1)
    قال صاحب جوهرة التوحيد :
وكل نص أوهم التشبيه         أوّله أو فوّض ورُم تنزيها

    يقول الشارح فى قوله تعالى : " وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا " وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم : " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا " : السلف يقولون : مجئ ونزول لا نعلمه " . فادعى أن مذهب السلف هو تفويض المعنى ، وهذا باطل .
(2)
    يقول أمين محمود خطاب فى قوله تعالى : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " :
    " يقول فيه السلف : هو مصروف عن ظاهره ، و يفوضون علم المراد منه إلى الله تعالى " .
    وقال الشيخ إبراهيم الدسوقى فى نفس الآية : " فذهب السلف إلى التفويض فى المعنى الذى أراده الله ، بعد الإيمان به والتنزيه عن الظاهر المستحيل " .
    وعند التحقيق نجد الأمر يكمن فى إثبات الخلف للصفة من عدمه ، فهل استواء الله عندهم حقيقة موجودة ، ولها كيفية ، أم أنهم لا يؤمنون بهذه الكيفية الغيبية ؟!
   
    فلا خلاف بين السلف فى وجود كيفية حقيقية للاستواء ، وإنما الخلاف بين السلف ومخالفيهم من الأشعرية وغيرهم ، فى ادعائهم جهل السلف بمعنى الاستواء  ، وتفويض العلم به إلى الله ، فالكيفية لها وجود حقيقى ، معلوم لله ، ومجهول لنا .

    ومن ثم فالقول بأن الاستواء غير معلوم ، أو لا نعلمه ، أو نجهله ، قول باطل ، وكذلك القول أن معنى الاستواء غير معلوم ، قول باطل أيضا .
    أما القول بأن كيفية الاستواء فقط غير معلومة ، فهو الحق الذى دلت عليه جميع الأدلة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   
   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق