[ المطلب الرابع عشر]
وحدة المنهج فى الحديث عن الذات والصفات وسائر الغيبيات
· شمولية المنهج فى الحديث عن الذات والصفات .
· غلاة الصوفية وأكثر المتكلمين جعلوا القرآن عضين .
· محبة الصوفية وعبادتهم بلا عوض عبادة بدعية .
· القول فى الصفات كالقول فى الذات .
· بدعة المعتزلة فى إثبات الأسماء ونفى الصفات .
· القول فى الصفات كالقول فى بعض .
· بدعة الأشعرية فى إثبات بعض الصفات ورد البعض .
· أسلم الضوابط التى وضعت للتعريف باعتقاد السلف .
وحدة المنهج السلفى فى الحديث عن الذات والصفات وسائر الغيبيات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فى هذا المطلب نتناول بإذن الله الحديث عن وحدة المنهج السلفى فى الإيمان بما جاء فى الوحى كله على نسق واحد ، سواء فى باب الأسماء والصفات ، أو فى سائر الغيبيات والموضوعات الأخرى ، وذلك من خلال المحاور التالية :
شمولية المنهج فى الحديث عن الذات والصفات
الوحى وحدة واحدة، لابد من أن نسلم بكل ما جاء فيه على وجه المحبة والتعظيم ، لعلمنا أن الله عز وجل يريد لنا الخير ، وهو أعلم بما ينفعنا من أنفسنا .
وهذا معنى الإيمان فى حديث سفيان بن عبد الله الثقفى حيث قال : قلت : يا رسول الله ، قل لى فى الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال : " قل آمنت بالله ثم استقم " .
ومن ثم فإن الله إذا أخبرنا بشئ صدقناه فى كل ما أخبر ، وإذا أمر بشئ نفذناه فى كل ما أمر، ونستقيم على ذلك مدى الحياة ، فهذا مقتضى الإيمان الحق .
ومن الواجب أيضا الرجوع إلى القرآن والسنة بكل ما فيهما ، لمعرفة الدليل على الموضوع الواحد ، فى أى باب من أبواب العقيدة والشريعة ، والموضوع الواحد قد يكون مطروحا فى سور القرآن التى تضم آلاف الآيات والكلمات ، والقرآن يفسر بعضه بعضا ، فما أجمله فى موضع ، أفاض فيه فى موضع آخر .
فينبغى النظر فى جميع الآيات ، والسنن المرويات نظرة شمولية ، حتى نخرج بالحقيقة صحيحة كاملة ، ولو اقتصر الأمر على بعض الآيات دون بعض ، فسوف نصل إلى حقيقة مشوهة ناقصة .
والأمر الذى وقع فيه كثير من فرق المسلمين ، هو : عدم أخذهم للأدلة كلها كوحدة واحدة ، فى الموضوع الواحد ، شأنهم فى ذلك شأن علماء بنى إسرائيل مع كتابهم ، أخذوا بعض الكتاب ليوافق آراءهم وعقولهم وأهواءهم ، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض ، فبدلوا وغيروا وأولوا وحرفوا ، تحريفا لفظيا أو معنويا بإخفاء بعض الحقائق ، أو تكذيبها ، أو جحودها .
وكثير من المتصوفة والمتكلمين شابهوا اليهود فى فعلهم ، فتركوا النظرة الشاملة للقرآن والسنة ، وأخذوا ببعض ما ورد فيهما ، فجاء اعتقادهم مضطربا مختلفا باطلا .
غلاة الصوفية وأكثر المتكلمين جعلوا القرآن عضين
ومثال ذلك : أن بعض الصوفية زعموا أن العبد ينبغى أن يعبد الله ، دون انتظار للثواب ، أو خوفا من العقاب ، بل يعبد الله حبا لذاته ، فصاروا يحتقرون من عبد الله انتظارا لثوابه ، أو خوفا من عقابه ، ووصف بعضهم أهل السنة بأنهم عبيد سوء ، لايوقرون الله لذاته ، ولكن لما يصلهم من نفع أو نعمة فى الآخرة .
واستدلوا على هذا المعنى ببعض آيات القرآن ، وعطلوا البعض الآخر كقول أحدهم : " إن اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ " وقال معقبا : ليعبدوه بالرق لا بالطمع .
وقطع الآية عن نهايتها ، التى لو استكملت لتغير المعنى ، فشراء الله لأنفس المؤمنين وأموالهم إنما كان بعوض وهو الجنة ، قال تعالى : " إن اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " ( التوبة : 111)
وإذا أخذت نصوص القرآن والسنة مجتمعة ، فسوف نجد الثناء على عباد الله وأوليائه بسؤال الجنة ورجائها ، والاستعاذة من النار وعذابها ، كقوله تعالى فى معرض ثنائه على عباد الرحمن : " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا " ( الفرقان : 65) .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : " ما تقول فى الصلاة " ؟ قال : أتشهد ثم أقول : اللهم إنى أسألك الجنة وأعوذ بك من النار . أنا والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، فقال صلى الله عليه وسلم : " حولها ندندن " ( أبو داود )
محبة الصوفية وعبادتهم بلا عوض عبادة بدعية
وهذا الاعتقاد يؤدى إلى الإيمان ببعض الكتاب ، ورد البعض الآخر ، وتعطيله عن مدلوله الحقيقى، أو لىّ أعناق النصوص بالتحريف أو التأويل المتعسف ، كمطية يركبها صاحب الأهواء ، ويوجهها حيث شاء .
وهو مسلك اليهود لعنهم الله ، وقال فى وصفهم : " الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ " ( الحجر : 91) قال ابن عباس رضى الله عنهما : " هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه " .
وقد فعل أغلب الجهمية فعل اليهود لما قال لهم الله عز وجل : " وَقُولُوا حِطَّةٌ " ( البقرة : 58) أى حط عنا خطايانا واغفر لنا ، فبدلوا كلام الله وزادوا نونا وقالوا : حنطة ، أى نريد القمح والشعير فقال الله تعالى فى شأنهم : " فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " ( البقرة : 59) .
وقال الله تعالى : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " ( طه : 5) فزاد أهل الكلام لاما وقالوا : استولى، فما أشبه نون اليهود بلام أهل الكلام .
وقد وضع علماء الكلام من الأشعرية والماتريدية قانونا عقليا ، يحكمون به على ماورد فى الكتاب والسنة ، خصوصا فى مسائل الصفات ، فما وافقهم أخذوا به وأيدوه ، وما خالفهم أنكروه وأولوه .
قال ابن تيمية : " وهذا يشبه ما وضعته النصارى من أمانتهم التي جعلوها عقيدة إيمانهم، وردوا نصوص التوراة والإنجيل إليها .
لكن تلك الأمانة اعتمدوا فيها على ما فهموه من نصوص الأنبياء، أو ما بلغهم عنهم ، وغلطوا في الفهم أو في تصديق الناقل، كسائر الغالطين ممن يحتج بالسمعيات ، فإن غلطه إما في الإسناد، وإما في المتن .
وأما هؤلاء فوضعوا قوانينهم على ما رأوه بعقولهم، وقد غلطوا في الرأي والعقل " .
وقد عبر ابن تيمية رحمه الله عن وحدة المنهج السلفى وعمومه فى معرفة أوصاف الله تعالى بأصلين شريفين يوضحان تلك القاعدة :
الأصل الأول : القول في الصفات كالقول في الذات
والمقصود بهذا الأصل الرد على المعتزلة ، فالقول فى الصفات كالقول فى الذات ، فإن الله عز وجل ليس كمثله شئ فى ذاته ، ولا فى صفاته ، ولا فى أفعاله ، فإذا كان لذات الله عز وجل وجود حقيقى لا يماثل سائر الذوات من المخلوقات ، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات .
فإذا قال السائل : كيف استوى على العرش ؟ وما كيفية أوصافه ؟ قيل له : كيف هو ؟ فإن قال : لا أعلم كيفية ذاته ، قيل له : ونحن لا نعلم كيفية أوصافه ، ولا كيفية استوائه ؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف ، فكيف تطالبنى بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه واستوائه ونزوله ، وأنت لا تعلم كيفية ذاته ؟
وقال الخطيب البغدادى : " الكلام فى الصفات فرع الكلام فى الذات ، ويحتذى فى ذلك حذوه ، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين إنما هو إثبات وجود لا كيفية ، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا تحديد وتكييف ... وإنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ، ووجب نفى التشبيه عنها لقوله : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " ( الشورى : 11 ) .
قال ابن تيمية رحمه الله : " فإذا قال السائل كيف استوى على العرش ؟ قيل له كما قال مالك: الاستواء معلوم ، الكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ؛لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ، ولا يمكنهم الإجابة عنه "
وقال أيضا : ومن أوّل الاستواء بالاستيلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك وسلك غير سبيله ، وهذا الجواب من مالك رحمه الله شافٍ كافٍ فى جميع الصفات مثل : النزول والمجئ واليد وغيرها فيقال فى مثل النزول :
النزول معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وهكذا يقال فى سائر الصفات ؛ إذ هى بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب و السنة ".
بدعة المعتزلة فى إثبات الأسماء ونفى الصفات
ابتدع أهل الاعتزال معنى جديدا للتوحيد غير ما عرف بين الصحابة والتابعين وعلماء السلف، فقالوا : إن التوحيد هو إثبات الأسماء ونفى الصفات .
أى : أنهم أثبتوا وجود ذات الله فقط دون أى صفة لها ، وجعلوا أسماء الله فارغة من الأوصاف ، أو أسماء بلا مسمى ، فقالوا هو : العليم ولكن لا يتصف بصفة العلم ، والسميع بلا سمع ، والبصير بلا بصر ، وهكذا سائر الأسماء .
وهذا المذهب الخبيث يترتب عليه أن قوله تعالى : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " لا قيمة له عندهم ، وكذلك تعداد الأسماء فى الحديث : " إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة " لأن تعداد الأسماء ، أو الدعاء بها مبنى على إثبات الصفات .
والذى يزعم أن إثبات الصفات يدل على التشبيه ؛ فيخاصم بأن إثبات الذات أيضا يدل على التشبيه ، فالقول فى الذات كالقول فى الصفات سواء بسواء .
الأصل الثانى : القول فى الصفات كالقول فى بعض
الأصل الثانى فى التعرف على وحدة المنهج السلفى ، وعموم النظر فى التعرف على أوصاف الله عز وجل هو أن يقال : القول فى الصفات كالقول فى بعض .
فلا يجوز أن نثبت بعض الصفات ، وننازع فى إثبات باقى الصفات ، أو نردها بالتعطيل والتأويل بغير دليل ؛ لأن منهج السلف واحد فى كل ما ورد من الصفات وسائر الغيبيات ، إما أن تثبت الجميع وتكون مؤمنا ، أو ترد الجميع وتكون جاحدا معطلا .
ويحترز بهذا الأصل من بدعة الأشعرية ، حيث ابتدعوا تقسيما عجيبا فى صفات الله جعلوا منه ما هو واجب لله ، وما هو جائز له ، وما هو مستحيل عليه . فقالوا :
· الوجود صفة نفسية .
· والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث ، والقيام بالنفس ، والوحدانية صفات سلبية .
· والقدرة والإرادة والعلم والحياة والكلام والسمع والبصر صفات معنوية .
· وبقية الصفات الواردة فى القرآن والسنة صفات خبرية ، تدل على التشبيه والأعضاء والجسمية ، وظاهرها غير مراد ؛ لأنه باطل قبيح دل على معان كفرية شركية ، لا يثبتها العقل لربه .
ولو سألناهم لم أثبتم القدرة والإرادة والعلم والحياة والكلام والسمع والبصر لله سبحانه مع أنها وردت فى الكتاب والسنة ، ونفيتم صفة المحبة ، والرضى ، والغضب ، والاستواء وسائر الصفات الخبرية مع أنها أيضا وردت فى الكتاب والسنة ؟
قالوا : لأن الصفات التى أثبتناها لا تدل على التشبيه ، أما الصفات التى نفيناها تدل على التشبيه ! فيقال لهم : القول فى الصفات كالقول فى بعض ، ولا فرق بين النزول والبصر ، الكل ورد فى النص ، فإن قالوا لنا فى الاستواء : شبهتم ، نقول لهم فى السمع : شبهتم . فإن قالوا : لا تشبيه بل هو كما يليق به ، قلنا : فى الاستواء والفوقية لا تشبيه بل هو كما يليق به .
قال ابن تيمية رحمه الله :
"وأما قول القائل : الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام ، فلو قدر أن هذا هو حقيقة غضبنا، لم يلزم أن يكون غضب الله تعالى مثل غضبنا، كما أن حقيقة ذات الله ليست مثل ذاتنا، فليس هو مماثلاً لنا، لا لذاتنا ولا لأرواحنا، وصفاته كذاته"
وقال أيضا : "فإن قالوا: الغضب هو غليان دم القلب لطلب الانتقام ، والوجه هو ذو الأنف والشفتين واللسان والخد أو نحو ذلك .
قيل لهم: إن كنتم تريدون غضب العبد ، ووجه العبد ؛ فوزانه أن يقال لكم:
ولا يعقل بصر إلا ما كان بشحمة ، ولا سمع إلا ما كان بصماخ، ولا كلاما إلا ما كان بشفتين ولسان، ولا إرادة إلا ما كان لاجتلاب منفعة ، أو استدفاع مضرة .
وأنتم تثبتون للرب السمع والبصر والكلام والإرادة على خلاف صفات العبد، فان كان ما تثبتونه مماثلا لصفات العبد لزمكم التمثيل في الجميع .
وإن كنتم تثبتونه على الوجه اللائق بجلال الله تعالى ، من غير مماثلة بصفات المخلوقات ، فأثبتوا الجميع على هذا الوجه المحدود .
ولا فرق بين صفة وصفة ، فان ما نفيتموه من الصفات ، يلزمكم فيه نظير ما أثبتموه، فإما أن تعطلوا الجميع وهو ممتنع، وإما أن تمثلوه بالمخلوقات وهو ممتنع، وإما أن تثبتوا الجميع على وجه يختص به لا يماثله فيه غيره .
وحينئذ فلا فرق بين صفة وصفة، فالفرق بينهما بإثبات أحدهما ونفى الآخر فراراً من التشبيه والتجسيم، قول باطل يتضمن الفرق بين المتماثلين والتناقض في المقالتين"
أسلم الضوابط التى وضعت للتعريف باعتقاد السلف
قال ابن تيمية رحمه الله : "ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله r من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل .
ونعلم أن ما وُصف الله به من ذلك فهو حق ؛ ليس فيه لغز ، ولا أحاجي، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه.
لاسيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق وأفصحهم في البيان والدلالة والارشاد، وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله "
هذا الضابط الذى وضعه شيخ الإسلام يعد بحق من أسلم الضوابط فى توحيد الصفات ؛ لأنه اشتمل على قواعد مذهب السلف الصالح ، وحذر من التمثيل والتكييف والتعطيل والتحريف ، والتفويض ، بحيث تنكشف أنواع التدرج فى الضلال الذى وقع فيه المخالفون من أتباع الجهمية .
وقد بان لنا أن شرها وأقبحها هو التأويل الباطل الذى سماه شيخ الإسلام بالتحريف ؛ ولذلك بدأ به جملة المحذورات ؛ لأنه مبنى على التعطيل ، والتعطيل سببه التكييف ، والتكييف مرده إلى التمثيل . ثم حذر بعد ذلك من تفويض معانى النصوص ، والنظر إليها على أنها كاللغة الأعجمية والألغاز والأحاجى ، وأن ذلك مخالف لمذهب السلف .
وبين أيضا شمولية هذا المنهج لكل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى باب الأسماء والصفات ، فمن أراد النجاة فعليه اتباع من سلف ، وترك ما أحدثته الجهمية وأتباعهم من الخلف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق