[المطلب السادس عشر]
معانى العلو والرد على من فسر الاستواء بالاستيلاء
· رد ابن القيم على من تأول الاستواء بالاستيلاء .
· علو الله فى الكتاب والسنة له ثلاث معان .
· شبهات المتكلمين الأشعرية فى تعطيل علو الفوقية .
· أين المكانية الغيبية لا تعنى ما ينفيه الأشعرية .
· الرد على القائلين بأن العالم كرة وهذا ينفى الاستواء .
· تعطيل حقيقة الاستواء تعطيل لمعانى الربوبية .
· أوصاف عرش الرحمن تدل على حقيقة الاستواء .
· هل السلف يثبتون لله الجهة أم ينفونها عنه ؟
· صفة النزول وارتباطها بإثبات العلو والاستواء .
معانى العلو والرد على الاستواء بالاستيلاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فى هذا المطلب بإذن الله ، نتناول الحديث عن معانى العلو عند السلف الصالح ، والرد على من فسر الاستواء بالاستيلاء والقهر ، وذلك من خلال المحاور التالية :
رد ابن القيم على من تأول الاستواء بالاستيلاء
من اعتقد بأن استواء الله هو الاستيلاء والقهر ، فاعتقاده باطل ، وهو تحريف للكلم عن مواضعه ؛ لأن لفظ الاستواء فى كلام العرب نوعان :
1- مطلق : وهو ما لم يوصل معناه بحرف ، مثل قوله تعالى : " وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "( القصص : 14) وهذا معناه : كمل وتم ، يقال : استوى النبات
2- مقيد ، وهو ثلاثة أضرب : (أ) مقيد بـ ( إلى ) كقوله : استوى إلى السطح . وقد ذكر سبحانه هذا المعدى بـ ( إلى ) فى موضعين من كتابه :
" هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ " (البقرة :29)
" ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا "( فصلت : 11)
وهذا بمعنى العلو والارتفاع ، بإجماع السلف الصالح .
(ب) مقيد بـ ( على ) : كقوله تعالى :
" لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ " (الزخرف: 13)
" وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " ( هود :44)
"وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ "( الفتح :29 )
وهذا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة .
(ج) المقرون بـ (واو المعية) ، نحو: استوى الماء والخشبة ، بمعنى : ساواها.
هذه هى معانى الاستواء ، ليس فيها معنى ( استولى ) البتة ، وإنما قاله متأخرو النحاة ممن سلك طريق المعتزلة ، ولم يقولوه نقلا ، وإنما استنباطا مستدلين بقول الأخطل النصرانى:
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف أو دم مهراق
وهذا البيت ليس من شعر العرب ، وقد أنكره أهل اللغة غاية الإنكار . وقال الخطابى وهو من أئمة اللغة : " ولو كان الاستواء بمعنى الاستيلاء ، لكان الكلام عديم الفائدة ؛ لأن الله تعالى قد أحاط علمه وقدرته بكل شئ وكل بقعة من السموات والأرضين وتحت العرش ، فما معنى تخصيصه العرش بالذكر ؟
ثم إن الاستيلاء إنما يتحقق معناه عند المنع من الشئ ، فإذا وقع الظفر به قيل : استولى عليه ، فأى منع كان هناك حتى يوصف بالاستيلاء بعده ؟ "
وهو تفسير لكلام الله بالرأى المجرد الذى لم يذهب إليه صاحب ، ولا تابع ، ولا قاله إمام من أئمة المسلمين ، ولا أحد من أهل التفسير الذين يحكون أقوال السلف ، فهو قول على الله بغير علم ، والإجماع منعقد على أن الله تعالى استوى على عرشه حقيقة لا مجازا .
علو الله فى الكتاب والسنة له ثلاث معان
الأول : علو الفوقية : وهو علو الذات ، وهو ثابت على الحقيقة بالكتاب والسنة وإجماع الأنبياء والمرسلين وأتباعهم . فهو سبحانه وتعالى : مستو على عرشه، بائن من خلقه ، لاشئ من ذاته فى خلقه ، ولا شئ من خلقه فى ذاته .
والأدلة فى الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى ، ومنها :
1- التصريح بالفوقية مقرونا بأداة (من ) المعينة للفوقية بالذات ، كقوله تعالى : " يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ " (النحل : 50)
2- ذكر الفوقية مجردة عن الأداة ، كقوله تعالى : " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ" (الأنعام : 18)
3- التصريح بالعروج إليه ، نحو قوله تعالى : " تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ "(المعارج :4)
4- التصريح بالصعود إليه ، نحو قوله تعالى : " إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ "(فاطر : 10)
5- التصريح برفع بعض المخلوقات إليه ، كقوله تعالى : " بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ " (النساء :158)
6- التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى" (الأعلى :1)
7- التصريح بتنزيل الكتب منه ، كقوله تعالى : " تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " (فصلت :2)
8- التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عنده ، ففرق سبحانه بين من ( له) عموما، وبين من (عنده) خصوصا ، كما فى قوله تعالى : " وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ " (الأنبياء: 19)
9- التصريح برفع الأيدى إليه ، كما فى الحديث : " إن ربكم حيى كريم يستحى من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرا " (أبو داود)
الثانى : علو القهر: فلا مغالب له ولا منازع ، بل كل شئ تحت قهره ، قال تعالى : " وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " (ص : 65) وقد جمع الله تعالى بين علو الذات وعلو القهر فى قوله تعالى : " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ " (الأنعام : 18)
الثالث : علو الشأن : فالله تعالى عن جميع النقائص والعيوب المنافية لإلهيته ، وربوبيته ، وأسمائه وصفاته . وتعالى فى أحديته عن الشريك والظهير والولى والنصير ، وتعالى فى عظمته وكبريائه عن الشفيع عنده بغير إذنه ، وتعالى فى صمديته عن الصاحبة والوالد والولد، وتعالى فى حياته وقيوميته عن السنة والنوم ، وتعالى فى علمه عن الغفلة والنسيان .
شبهات المتكلمين الأشعرية فى تعطيل علو الفوقية
زعم بعض الأشعرية المعاصرين أن التوحيد الخالص أن تعتقد أن الله لا يُسأل عنه بـ (أين)، وأن سلف الأمة وخلفها اتفقوا على أن الآيات والأحاديث المتشابهة مصروفة عن ظاهرها ؛ لقوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ " (الشورى :11) غير أن السلف فوضوا علم المراد منها إلى الله ، وقالوا إن الوقف على قوله تعالى : "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ " (آل عمران :7) وأما الخلف فأوّلوها وحملوها على معان معقولة مقبولة ، فبينوا المراد منها ، وقالوا إن الوقف على قوله تعالى : " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ "(آل عمران :7 ) .
فقوله : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " (طه :5 ) يقول فيه السلف : هو مصروف عن ظاهره ، ويفوضون علم المراد منه إلى الله تعالى . والخلف يقولون : هو مصروف عن ظاهره ، والمراد من ( استوى ) : استولى .
(أين) المكانية الغيبية لاتعنى ما ينفيه الأشعرية
قول القائل : ناقشنا شخص فى مكان الله تعالى ، ونحن نعتقد أن الله ليس له مكان ، يقال له: المكان فى الاعتقاد السلفى له وجهان ، وليس وجها واحدا كما هو حال الأشعرية:
الوجه الأول : أن يراد به ما كان محصورا فى عالم الشهادة ، أو المحاور الفراغية التى نراها . وقول الله تعالى : " أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ " (الملك : 16) لا يفهم منه الحلول فى تلك المحاور الفراغية ، وأن الله محصور داخل السماء ؛ فإن ذلك باطل من وجهين :
1- أن الله سبحانه أعظم من أن تحيط به مخلوقاته ، بل قد وسع كرسيه السموات والأرض . "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ " (الزمر : 67)
2- أن معنى فى السماء : العلو ، وهذا العلو يمتد إلى أعلى المخلوقات وهو عرش الرحمن .
الوجه الثانى : أن يراد بالمكان : المكان العدمى ، وهو الخارج عن محيط عالم الشهادة ، ويزيد عن المحاور الثلاثة الفراغية التى نراها ، بعشرة أخرى أو أكثر غير مرئية .
والمكان بهذا الاعتبار لا يخضع لمقاييس المكان فى عالم الشهادة ، فأجسام الدنيا يحدد مكانها بمدى الارتفاع فى المحور الرأسى ، عن مستوى المحورين الأفقيين ، الموازيين لسطح الأرض. وتلك المقاييس المكانية لا تصلح لقياس ما هو خارج عن محيط العالم ، فضلا عن عدم صلاحيتها فى تحديد مكان رائد الفضاء ، الذى يعجز عن تحديد مكانه ؛ إلا عن طريق الاتصال المباشر بمن على الأرض .
ولو كانت المقاييس المكانية التى تحكم عالم الغيب ، هى ذات المقاييس التى تحكم عالم الشهادة ، لما استطاع ملك الموت - مثلا - أن يدخل غرفة مغلقة ليقبض روح إنسان بداخلها .
ومن ثم فلا يصلح بحال أن نمنع دلالة النصوص على ظاهرها فى حق الله ، بحجة أننا لو أثبتناها لكان الله فى مكان ، وما كان فى مكان فهو حادث مخلوق .
ولا شك أن رسول الله r يعلم أن ( أين ) الاستفهامية المكانية تدل على المكان ، ولكنه بالرغم من ذلك سأل الجارية بـ ( أين ) وأجابت بقولها فى السماء ، فأى اعتراض على ذلك هو اعتراض على رسول الله r ووصف له بعدم الفهم ، أو بعدم القدرة على التعبير عن المراد .
الرد على القائلين بأن العالم كرة وهذا ينفى الاستواء
زعم المتكلمون الأشاعرة أن العالم كرة ، فالجهة التى فوق بالنسبة إلينا ، هى تحت بالنسبة إلى ساكن ذلك الجانب الآخر من الأرض ، وبالعكس ، فلو كان المعبود مختصا بجهة ، فتلك الجهات وإن كانت فوق لبعض الناس ، لكنها تحت بالنسبة لآخرين ، وباتفاق العقلاء لا يجوز أن يقال : المعبود تحت جميع الأشياء .
وكلامهم باطل ، وليس بحجة فى نفى الاستواء ، والعلة فى ذلك أنهم نظروا إلى السماء بقياس التمثيل والشمول ، وأن السموات تشبه طبقات العمارة المرتفعة ، وأن السماء الدنيا هى فقط ما يرى من اللون الأزرق ، الناشئ عن انعكاس ضوء الشمس على ذرات الغلاف الجوى .
ولكن إذا تأملنا وضع الأرض ككرة متناهية فى الصغر، ومعلقة فى الفضاء الخارجى ، علمنا أن الله فى العلو بالنسبة لكل مخلوق على سطح الكرة الأرضية ، وأن كيفية السماء الدنيا وحقيقتها أمر غيبى ، وهى علو بالنسبة للكرة الأرضية بأكملها ، وعلى كل نقطة فيها ، وسطح الكرة الأرضية يجد المرء نفسه ، وهو واقف عليه فى كل موضع فيه ، عند دعائه لربه ، متجها بفطرته إلى العلو ، قلبه يستشرف السماء الدنيا ، التى حجب الله عنا كيفيتها .
روى ابن جرير الطبرى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال :
" ماالسموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن فى يد الرحمن إلا كخردلة فى يد أحدكم"
ذكر ابن أبى العز الحنفى أنه من المعلوم ولله المثل الأعلى أن الواحد منا إذا كان عنده خردلة، إن شاء قبضها وأحاط قبضته بها ، وإن شاء جعلها تحته ، وهو فى الحالين مباين لها ، عالٍ عليها من جميع الوجوه ، فكيف بالعظيم الذى لا يحيط بوصفه واصف ، فلو شاء لقبض السموات والأرض اليوم ، وفعل بها كما يفعل يوم القيامة ، فكيف يستبعد العقل مع ذلك أنه يدنو سبحانه من بعض أجزاء العالم ، وهو على عرشه فوق سمواته ، أو يدنى إليه من يشاء من خلقه ، فمن نفى ذلك لم يقدره حق قدره .
ومن ثم إذا قال رب العزة والجلال " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " ( طه : 5) قال المؤمنون : آمنا بالله ، وبقول الله على مراد الله ، ووسعنا ما وسع رسول الله r .
تعطيل حقيقة الاستواء تعطيل لمعانى الربوبية
إن خطورة القول بتعطيل استواء الله على عرشه ، وتفسيره بالاستيلاء ، لا تكمن فقط فى كون ذلك تحريفا للكلم عن مواضعه ، وإنما تكمن أيضا فى نفى معانى الربوبية ، ووصف الله بالنقص فى معانى الألوهية .
وذلك أنه لما كان استواء كل ملك فى الدنيا على عرشه ، من لوازم دوام ملكه وعظمته ، فإن إثبات استواء الله على عرشه وعلوه وفوقيته ، من لوازم توحيده من باب أولى ، فهل يصح أن نقر بالكمال للملك المخلوق ، ونسلبه عن ملك الملوك ؟
ومن المعلوم أن عظمة العرش مقترنة بعظمة من استوى عليه ، وقد ذكر الله العرش فى سورة النمل وحدها فى أربعة عشر موضعا ، لبيان ارتباط الملك بالاستواء على العرش ، وأن كل ملك من الملوك يتخذ لنفسه عرشا عظيما ، يدل على منزلته وقدره .
ومن هنا كان لابد لمن وهبه الله الملك ، وجعله مستويا على عرش فى مملكته ، أن يوحد ملك الملوك فى استوائه على عرشه ، ولا يكون ذلك فى المقام الأول إلا بإثبات حقيقة الاستواء على الكيفية التى لا يعلمها إلا الله ، وذلك هو مقتضى توحيد الربوبية والأسماء والصفات ، ثم ينفذ أمر الله التكليفى فى مملكته ، وذلك مقتضى توحيد العبودية ، وأما تعطيل الإيمان بحقيقة الاستواء فهو نفى لمعانى التوحيد جميعها .
أوصاف عرش الرحمن تدل على حقيقة الاستواء
1- عرش الله عظيم ذاتا وصفة : " فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " ( التوبة : 129) وصفه عرشه بالعظمة فى مقابل تولى الخلق وكفرهم ؛ لأنه لما كان الاستواء على العرش ، دليلا على تولى أمور الملك ، فلو أعرض الناس عن ملك من ملوك الدنيا خلعوه من عرشه ، ونصبوا غيره ؛ لأنه ما وصل إلى الملك إلا بهم ، أما ملك الملوك فإنه لو أعرض عنه سائر الخلق ، فمن الذى يتغير ؟ الملك أم المملوك ؟ قال تعالى : " وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ " ( محمد : 38)
2- عرش الله كريم : " فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" ( المؤمنون : 116)
3- عرش الله مجيد : " وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ . ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ" ( البروج : 14،15)
4- عرش الله له حملة اليوم : " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا " (غافر : 7) وله حملة يوم القيامة : " وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ " ( الحاقة : 17)
5- عرش الله أول المخلوقات المعلومة لدينا : " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء ". ( مسلم )
6- عرش الله له قوائم : " الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش " ( البخارى )
7- عرش الله أعلى المخلوقات وسقف جنة الفردوس : " فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن " ( مسلم )
8- عرش الله يهتز لعظائم الأمور : " اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ " ( البخارى )
9- عرش الله تسجد الشمس تحته : " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش " ( البخارى )
10- عرش الله من أثقل الأوزان عند الله : " سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ". ( مسلم )
11- عرش الله يظل من شاء من خلقه تحته يوم القيامة : " من أنظر معسرا ، أو وضع عنه ، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ". ( صحيح الترغيب والترهيب )
12- عرش الله كان على الماء : " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " ( هود :7)
13- عرش الله لا يزال على الماء : " إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض ، فإنه لم ينقص ما فى يمينه ، وعرشه على الماء". (البخارى )
14- عرش الله امتدح الله نفسه بإضافته إليه : "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ " ( غافر :15)
15- عرش الله خصه بالاستواء عليه : " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " ( طه :5)
هل السلف يثبتون لله الجهة أم ينفونها عنه ؟
زعم بعض الأشعرية أنه لابد للتوحيد الخالص من نفى الجهة عن الله ، فقال : ( فهو سبحانه ليس فى جهة من الجهات ؛ لأن ذلك من صفات الأجسام )
ولابد من وقفة لبيان القول الحق فى ذلك ، فلو سأل سائل : هل نثبت لله تعالى جهة ؟ قلنا له: إطلاق لفظ الجهة نفيا أو إثباتا بدعة ؛ لأنه لم يرد فى الكتاب والسنة، ويغنى عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى فى السماء .
فلفظ الجهة لا بد من الاستفصال فيه ، فإما أن يراد به جهة سفل ، أو جهة علو تحيط بالله ، أو جهة علو لا تحيط به . فالأول باطل ؛ لمنافاته علو الله الثابت بالكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع ، والثانى باطل أيضا ؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شئ من مخلوقاته ، والثالث حق ؛ لأن الله تعالى هو العلى فوق خلقه ، ولا يحيط به شئ من مخلوقاته .
وأما القول بأنه تعالى لا يكون فى جهة على الإطلاق ، فيقتضى عدم وجوده بالكلية ، وهذا يؤدى إلى نفى الاستواء والعلو والرؤية ، وغير ذلك مما ثبت فى النقل الصحيح .
صفة النزول وارتباطها بإثبات العلو والاستواء
زعم بعض الأشعرية أنه لابد للتوحيد الخالص من نفى صفة النزول , قد قال ابن القيم رحمه الله : " إن نزول الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا قد تواترت الأخبار به عن رسول الله r وهذا يدل على أنه كان يبلغه فى كل موطن ومجمع ".
والنزول والإنزال حقيقته : مجئ الشئ أو الإتيان به من علو إلى سفل ، وهذا هو المفهوم لغة وشرعا ، واعتقاد السلف فى النزول كاعتقادهم فى الاستواء فيقولون : النزول معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة .
كما أن حقيقة السماء الدنيا لا يعلم كيفيتها إلا الله ، وهؤلاء وقعوا فى التمثيل ، فجعلوا شأن السماء كشأن عمارة مكونة من عدة طوابق ، ينزل النازل على درجات سلمها ، ونزول الخالق سبحانه لا يعنى أنه يتخلل فى طبقات السموات حتى يصل إلى سماء الدنيا كما كيفوه ؛ لأن الله تعالى لا يحيط به شئ من مخلوقاته ، وهو مستو على عرشه بائن من خلقه .
والزمان والمكان فى عالم الشهادة يختلفان تماما عن الزمان والمكان فى عالم الغيب ، ولابد للموحد أن يثبت المباينة بينهما ، وإلا فهو ممثل ، ومن ثم فلا يلزم قولهم : الليل هنا نهار هناك، أو الثلث الأخير من الليل يحل كل لحظة على بلد من البلدان .
وقد صرح الرسول r بالنزول مضافا للرب فى جميع الأحاديث ، ولم يذكر فى موضع واحد ما ينفى الحقيقة ، فمن قال بأن النزول معنوى وليس حقيقيا، فقد نسب إلى رسول الله r التقصير فى بيانه وتعليمه ونصحه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق