مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

الإيمان قول ، وعمل ..

يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ..

يزيد بالتفكر ، وينقص بالغفلة ..

يزيد بالتصديق والامتثال ، وينقص بالشك والإعراض ..

هيا نؤمن ساعة .. مدونة تزيدك إيمانا ..

بعلم نافع تتعلمه .. بعبرة تعتبر بها .. بسنة تمتثلها .. بآية تتدبرها .. بشبهة تمحوها ..

صفحاتها : روضة من رياض الجنة

تأنس فيها بذكر الله .. وترضى فيها بشرعه .. وتتدبر أمره ونهيه ..

اغتنم خيرها بالعمل بما فيها ، والدعوة إليه .

كان من دعاء ابن مسعود رضى الله عنه :

" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


الخميس، 2 يونيو 2011

المطلب السادس : علم التوحيد فى عصر النبوة


[المطلب السادس]
علم التوحيد فى عصر النبوة وأنواعه وتصنيفاته

·المقصود بعلم التوحيد لغة واصطلاحا .

  • توحيد العبادة اصطلاح منذ عصر النبوة .

  • المصطلحات التى تدل على علم التوحيد .

  • مفهوم الإلوهية عند السلف الصالح .

  • مفهوم الإلوهية عند غلاة الصوفية .  

  • مفهوم الإلوهية عند الفلاسفة.

  • التوحيد نوعان باعتبار وثلاثة باعتبار .

  • الأسماء التى أطلقت على النوع الأول من التوحيد .

  • الأسماء التى أطلقت على النوع الثانى من التوحيد .


علم التوحيد فى عصر النبوة وأنواعه وتصنيفاته
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
    فى هذا المطلب بإذن الله نتناول الحديث عن علم التوحيد فى عصر النبوة ، وأنواعه ، وتصنيفاته ، وذلك من خلال المحاور التالية :
المقصود بعلم التوحيد لغة واصطلاحا
التوحيد لغة : مصدر وحد يوحد . أى : أفرد الشئ يفرده .
         فالمتوحد هو : المنفرد بوصفه ، المباين لغيره .
التوحيد اصطلاحا : علم يعرف به طريقة الصحابة والتابعين فى توحيد الله بالعبودية ، وإثبات العقائد الإيمانية بأدلتها النقلية والعقلية ، والرد على المبتدعين فى العبادات ، والمخالفين فى الاعتقادات بالأدلة النقلية والعقلية .
توحيد العبادة اصطلاح سائد بين السلف فى عصر النبوة
    كان الصحابة على دراية تامة بما يجب معرفته فى توحيد الله ، وكيفية الدعوة إليه ، ومناقشة المخالفين فيه .  
    روى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى  r  لما بعث معاذا رضى الله عنه إلى اليمن قال له :
"إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب ، فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله تعالى " .
    وروى البخارى رواية أخرى توضح أن التوحيد الذى يعلمه معاذ رضى الله عنه هو : توحيد العبادة لله :               " فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله  "
وفى رواية ثالثة :   " ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله "
    ولذلك سمى هذا التوحيد عند السلف : توحيد الإلوهية ، وتوحيد العبادة ؛ لأنه المقصود بقول العبد ( لا إله إلا الله ) فالإله هو : المعبود بحق ، الذى يدعى وحده لا شريك له ، وذلك استنادا إلى كتاب الله ، وما صح فى سنة رسول الله r . قال تعالى :
" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ " ( الأنبياء : 25)
المصطلحات التى تدل على علم التوحيد
    تتابع أهل العلم فى القرون المختلفة على التأليف فى هذا الفن تحت مصطلح التوحيد ، سواء كانوا من السلفيين ، أو ممن خالفهم من المتكلمين ، ومن ذلك :
·        الإمام ابن خزيمة ( ت : 311) : كتاب (التوحيد وإثبات صفات الرب) على نهج السلف .
·        أبو منصور الماتريدى (ت:333) : كتاب (التوحيد) وانتهج فيه طريقة المتكلمين ، الذين يقدمون العقل فى إثبات الحجج والبراهين .
    وقد أطلقت اصطلاحات أخرى على هذا العلم من قبل علماء السلف أو المخالفين لهم ، منها:
(1) علم العقيدة : والعقيدة هى : عقد القلب على تصديق خبر الرب وتنفيذ أمره ، والإيمان به إيمانا لا يقبل الشك ، مع الثبات عليه . واستخدم كثير من علماء السلف هذا الاصطلاح ، منهم :
·        الإمام أحمد بن حنبل ( ت : 241) : كتاب ( العقيدة ) .
·        أبو جعفر الطحاوى (ت: 321) : كتاب ( العقيدة الطحاوية ) .
        وتردد هذا المصطلح أيضا بين علماء الخلف مثل :
·        أبو حامد الغزالى ( ت : 505) : كتاب ( قواعد العقائد ) .
·        الأصفهانى ( ت : 688) :  كتاب ( العقيدة الأصفهانية ) .
(2) الفقه الأكبر : كان مصطلح الفقه عند السلف يعنى العلم بالدين ، وأحكام العبودية ، ثم جاء المتأخرون من الفقهاء ، وحصروه بمعرفة الأحكام التكليفية من أدلتها التفصيلية ، فظهر فى المقابل مصطلح (الفقه الأكبر) لبيان أهمية التوحيد قبل القول والعمل ، والرد على الجهمية وأتباعهم ، ثم اشتهر على ألسنة العلماء، وأصبح مرادفا لعلم التوحيد والعقيدة .
    وأول من أطلق هذا اللفظ هو الإمام أبو حنيفة ( ت : 150) فى كتابه ( الفقه الأكبر ) حيث قال : " الفقه الأكبر فى الدين ، خير من الفقه فى العلم ، ولأن يتفقه الرجل كيف يعبد ربه ، خير له من أن يجمع العلم الكثير " .
 (3) السنة : ظهر مصطلح السنة حين رتبت المعتزلة على أصولها العقلية ، القول بخلق القرآن، وتعطيل السنة ، ورد ما ثبت عن رسول الله r فى باب الصفات ، بحجة أنها من أخبار الآحاد التى لا تفيد اليقين فى أمور الاعتقاد ، وذلك فى القرن الثالث وحتى منتصف القرن الرابع الهجرى، وهو عصر سيطرة المعتزلة ، وولادة المذهب الأشعرى .
    وهناك كتب كثيرة فى التوحيد والعقيدة أُلفت باسم ( السنة ) كلها تؤكد على أن الإسلام هو السنة ، والسنة هى الإسلام ، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر ، منها :
·        كتاب ( أصول السنة ): للإمام أحمد بن حنبل ، قال فيه : " وليس فى السنة قياس ، ولا تضرب لها الأمثال ، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء ، إنما هو الاتباع وترك الهوى . ومن السنة اللازمة الإيمان بالقدر خيره وشره ، والتصديق بالأحاديث فيه ".
·        كتاب ( صريح السنة ) : للإمام الطبرى (ت : 310) جاء فيه : " القرآن كلام الله وتنزيله ... فمن قال غير ذلك ، أو اعتقد غير ذلك بقلبه ، أو أضمره فى نفسه ، فهو بالله كافر ".
(4) الإيمان : أطلق مصطلح الإيمان على مسائل التوحيد والعقيدة ؛ لأنها قضايا تتعلق بتصديق القلب ، واستعداده للعمل . وقد أطلق العلماء ذلك الاصطلاح على مؤلفاتهم منذ وقت مبكر، منهم:
·        أبو عبيد القاسم بن سلام (ت : 223) : كتاب ( الإيمان معالمه وسننه واستكمال درجاته ).
·        أبو بكر البيهقى (ت : 458) : كتاب (شعب الإيمان) .
·        ابن تيمية (ت : 728) : كتاب (الإيمان الأوسط) وكتاب (الإيمان الأكبر) .
(5) أصول الدين : من العجب أن اصطلاح (أصول الدين) الذى اشتهر ، حتى سميت باسمه الكليات فى البلاد الإسلامية ، هو فى حقيقته من صنع المبتدعة من المعتزلة والأشعرية .
    فالمعتزلة أطلقوه على أصولهم الخمسة ، وجعلوا تلك الأصول أساسا للدين ، لا يقبل إلا بها ، وكذلك أطلق الأشعرية هذا الاصطلاح ، على أصولهم العقلية المبتدعة ، التى أثبتوا بها سبع صفات فقط ، وعطلوا باقيها ، رافعين شعار المجاز والبلاغة والتأويل للنصوص التى يتوهمون فيها التشبيه . وأول من عُرف عنه هذا الاصطلاح فى كتاب مدون :
·        أبو القاسم عبيد الله بن أحمد البلخى (ت : 319) : كتاب ( أوائل الأدلة فى أصول الدين ) ، وقام بشرحه أبو بكر بن فورك الأصبهانى ، وكلاهما ضليعان فى المذهب الأشعرى .
·        فخر الدين الرازى (ت : 606) : كتاب ( الأربعون فى أصول الدين ) .
(6) الشريعة : قال الآجرى رحمه الله فى كتابه ( الشريعة ) : ( كتاب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل كلم موسى عليه السلام ) .
(7) علم الكلام : لما بنى الجهمية ، والمعتزلة ، والأشعرية، والماتريدية، أصول عقيدتهم على الحجج العقلية فى باب الغيبيات ونفى الصفات ، أطلقوا على مسائل العقيدة : علم الكلام ؛ لكثرة الجدل فى مسائله، أو لأن أعظم مسألة كثر فيها النزاع ، كانت مسألة كلام الله ، وهل هو مخلوق أم لا . وهذه التسمية غير معتمدة عند السلف ، بل هم مجمعون على ذم الكلام وأهله ، وألفوا كتبا فى ذمه منها (تحريم النظر فى كتب الكلام) لابن قدامة .
    وألفت كتب كثيرة من قبل المتكلمين فى هذا العلم ، معتبرين إياه علم التوحيد الأمثل منهم :
·        الشهرستانى (ت : 548) : كتاب ( نهاية الإقدام فى علم الكلام ) .
·        الآمدى ( ت : 631) : كتاب (غاية المرام فى علم الكلام ) .
       وتجدر الإشارة إلى أن السلف لم يمنعوا الاحتجاج بالأدلة العقلية ، ولكن منعوا أن تكون هى الأصول التى يقيم عليها المسلم عقيدته فى الغيبيات ، أو يعارض بها الأدلة النقلية .
مفهوم الإلوهية عند السلف الصالح
    سمى توحيد الإلوهية بذلك عند السلف ؛ لأنه المقصود بقول العبد (لا إله إلا الله) ،  فالإله هو : المعبود بحق ، الذى يدعى وحده لا شريك له . وتوحيد الإلوهية هو : توحيد العبادة لله ، وتجريدها له وحده . قال تعالى :
" هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (غافر : 65)
"وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ " ( القصص : 88)
    ومما ورد فى السنة : الروايات التى تقدم ذكرها فى حديث إرسال النبى r معاذ إلى اليمن ، والتى بينت أن المقصود بالتوحيد هو توحيد العبادة ، وأنه هو معنى ( لا إله إلا الله ) .
مفهوم الإلوهية عند الخلف وعلماء الكلام
    ليس كل من قال ( لا إله إلا الله ) يعنى بها ما أراده الله فى كتابه ، أو أراده رسول الله r فى سنته . والإلوهية عند الخلف الأشعرية والماتريدية المعروفين بعلماء النظر والكلام ، الذين اتبعوا فلاسفة اليونان ، جعلوها بمعنى ( الخالق ) ، وجعلوا غاية التوحيد إثبات أن الصانع واحد .
    واحتجوا على وحدانية الإله بما يسمى بدليل التمانع ، وهو من الأدلة العقلية على إثبات توحيد الربوبية ، وملخصه : أنا لو قدرنا إلهين اثنين ، وفرضنا أمرين متضادين ، وقدرنا إرادة أحدهما لأحد الأمرين ، وإرادة الثانى للثانى ، فلا يخلو من أمور ثلاثة :
    إما أن تنفذ إرادتهما ، وإما أن لا تنفذ إرادتهما ، وإما أن تنفذ أرادة أحدهما دون الآخر .
    ويستحيل الأول والثانى ، فتعين الثالث ، وهو : أن تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر ، فالذى لا تنفذ إرادته هو المقهور ، والذى نفذت إرادته هو الإله القادر ، وذلك عندهم مضمون ما ورد فى قوله تعالى : " لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا " ( الأنبياء : 22) 
    قال ابن أبى العز الحنفى معقبا على ذلك  : " وقد ظن طوائف أن هذا دليل التمانع الذى تقدم ذكره ، وهو أنه لو كان للعالم صانعان .. الخ وغفلوا عن مضمون الآية ؛ فإنه سبحانه أخبر أنه لو كان فيهما آلهة غيره ، ولم يقل أربابا " .
    وقد بين أيضا : أن الآية دلت على أنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة متعددة ، بل لا يكون الإله إلا واحدا ... فلو كان للعالم معبودان لفسد نظامه كله.
    وقد ذكر ابن تيمية أن هؤلاء المتكلمين المتأخرين أخرجوا من التوحيد ما هو منه : كتوحيد الإلهية ، وإثبات حقائق أسماء الله وصفاته ، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية ، وهو: الإقرار بأن الله خالق كل شئ وربه ، وهذا التوحيد الذى كان يقر به المشركون ، ومع ذلك كانوا يعبدون غيره .
    وإنما التوحيد الذى أمر الله به العباد أن يُعبد الله وحده ، لا يشركون به شيئا ، فيكون الدين كله لله ، ولا يخاف إلا الله ، ولا يدعى إلا الله ، ويكون الله أحب إلى العبد من كل شئ ، فيحبون لله ، ويبغضون لله ، ويعبدون الله ، ويتوكلون عليه .
مفهوم الإلوهية عند غلاة الصوفية
    ذهب فريق من الصوفية ، يتزعمهم محيى الدين بن عربى (ت : 638) إلى أن الله هو هذا الوجود بعينه ، وأنه لا موجود إلا هو ، وأما أنواع المخلوقات فهى وهم يحكم أصحاب العقول القاصرة ، وهى فى حقيقتها مظاهر لله ؛ فهو السماء بما فيها من شمس وقمر ونجوم وسحاب ، ولا فرق عندهم بين الرب والعبد ، بل العابد هو المعبود ، والرحمن هو الإنسان .
    وبلزم على هذا تأليه جميع الأشياء وعبادتها ؛ ولذلك يرى هؤلاء الزنادقة أن الأديان كلها حق، وأن المجوس عابدى النيران ، والمشركين عابدى الأوثان ، والنصارى عابدى الصلبان، ليسوا كفارا، بل مذاهبهم هى عين الإيمان ؛ لأنهم حين عبدوا النيران والحجارة والصلبان ، ماعبدوا إلا الله ، فتلك المعبودات تجليات ظهرت بها الذات الإلهية ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .
مفهوم الإلوهية عند الفلاسفة
    الإله عند الفلاسفة - كابن سينا والفارابى – هو بذاته علة للعالم بما فيه من الحوداث المتجددة ، وقد فاضت المخلوقات عن الذات الإلهية ، أو ما يسمونها : بالعلة الأولى ، أو المبدأ الأول ، أو واجب الوجود .
    وليس العالم عندهم صادرا عن علم وإرادة وقدرة للخالق ، ولكنه صدر عنه صدور المعلول عن علته ، فهو سبحانه وتعالى عندهم العلة الأولى ، التى لا يقوم بها شئ من الصفات والأفعال، بل جعلوه ذاتا خاملة ، لا علم لها ، ولا مشيئة ، ولا قدرة ولا حكمة ، ولا غنى ، ولا رحمة !
    وتلك عقيدة فلسفية باطلة ، تؤدى إلى هدم التوحيد ، ونسف حقيقة الإلوهية التى اتصف بها الإله الحق ؛ فإن الله تعالى لم يزل ذا قدرة ومشيئة وعلم وحياة ، ولم يزل متكلما إذا شاء ، وكيف شاء ، وكان سبحانه ولم يكن شئ غيره ، وليس معه شئ من خلقه ، فكيف يقترن الخالق بالمخلوق اقتران العلة بمعلولها ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
    فالله تعالى صانع كل شئ بقدرته ، وعلة كل شئ صنعه ، وليس الإله علة وجود الأشياء ، بل العلة صفاته الفاعلة .
التوحيد عند السلف نوعان باعتبار وثلاثة باعتبار
    التوحيد عند السلف نوعان هما : توحيد الإلوهية ، وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات .
    وعند الفصل بينهما ، تظهر أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .  أما تصنيف التوحيد إلى نوعين ، والأسماء التى قد يرد بها كل نوع فى كتب العقيدة ، فبيانه كالتالى :
الأسماء التى أطلقت على النوع الأول من التوحيد
(1) توحيد الغاية : سمى بذلك لقوله تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "( الذاريات : 56) فعبادة الله وحده لا شريك له ، هى الغاية التى خلق الناس من أجلها .
(2) توحيد الإلوهية أو الإلهية : سمى بذلك لأنه معنى قول العبد (لا إله إلا الله) ؛ فالإله هو المعبود بالمحبة والخشية والتعظيم والإجلال ، وجميع أنواع العبادة .
(3) توحيد العبادة : قال ابن تيمية : " وتوحيد العبادة هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ، أن يقصد الله بالعبادة ، ويريده بذلك دون ما سواه ، وهذا هو الإسلام . فإن الإسلام يتضمن أصلين : أحدهما : الاستسلام لله ، والثانى أن يكون ذلك له سالما ، فلا يشركه أحد فى الإسلام له ، وهذا هو الاستسلام لله دون ما سواه " .
 (4) توحيد القصد والطلب: سمى بذلك لأنه يتعلق بنية المسلم ومطلبه فى الحياة ، فإن القلب يطلب موجودا ، فإذا لم يطلب ما فوق العالم ، طلب ما هو فيه .
(5) توحيد الإرادة : سمى بذلك لتوافق الإرادات ؛ فالمؤمن توافقت إرادته مع الإرادة الشرعية الدينية ، والإرادة الكونية القدرية ، وأما الكافر فتخلفت فيه الإرادة الشرعية ، والمراد بالإرادة الشرعية : الأمر الشرعى الموجه للمكلفين .
(6) توحيد الشرع والقدر: سمى بذلك لأن المسلم يسلم لله فى تدبيره الشرعى والكونى معا ، فيعمل بشرعه ، ويؤمن بقدره ، فعقيدة السلف وسط بين الجبرية والقدرية .
الأسماء التى أطلقت على النوع الثانى من التوحيد
(1) توحيد الوسيلة : سمى بذلك لأن الإيمان به فقط لا يكفى لدخول الجنة ، ولكن هو وسيلة لتحقيق العبادة ، وهى الغاية التى خُلق الناس من أجلها .
(2) توحيد الربوبية والأسماء والصفات : سمى بذلك لأن موضوعه يدور حول إثبات الوحدانية فى ربوبية الله ، وأنه سبحانه المنفرد بالخلق والتقدير، والملك والتدبير ، ومعنى كونه رب العالمين .
    وأيضا معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وكيف أثبت السلف الصالح لربهم حقائق الأسماء والصفات ، ونفوا عنه مماثلة المخلوقات ، فقالوا له ذات حقيقية ، ليست كسائر الذوات ، وله صفات حقيقية ليست كسائر الصفات ، وليست دربا من المجازات ، أو نوعا من التخييلات .
    هذا مع التعرف على فقه الأسماء الحسنى ، وتمييزها بنصوصها ، وحفظها ، وفهم دلالتها على الصفات ، والدعاء بها دعاء مسألة ودعاء عبادة ، وتأثير ذلك فى سلوك المسلم واعتقاده .
(3) توحيد العلم والخبر : سمى بذلك لأن تحصيل العلم به ورد فيما أخبرنا الله به فى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أما لو ترك الإنسان لعقله العنان فى وصف المعبود ، كما فعل أصحاب المدارس العقلية ؛ فإنه يقع فى الزيغ والضلال ووصف الله بالمحال .
(4) توحيد المعرفة والإثبات : سمى بذلك لأن المسلم مطالب بمعرفته، وإثبات ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسول صلى الله عليه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق