مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

الإيمان قول ، وعمل ..

يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ..

يزيد بالتفكر ، وينقص بالغفلة ..

يزيد بالتصديق والامتثال ، وينقص بالشك والإعراض ..

هيا نؤمن ساعة .. مدونة تزيدك إيمانا ..

بعلم نافع تتعلمه .. بعبرة تعتبر بها .. بسنة تمتثلها .. بآية تتدبرها .. بشبهة تمحوها ..

صفحاتها : روضة من رياض الجنة

تأنس فيها بذكر الله .. وترضى فيها بشرعه .. وتتدبر أمره ونهيه ..

اغتنم خيرها بالعمل بما فيها ، والدعوة إليه .

كان من دعاء ابن مسعود رضى الله عنه :

" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


الجمعة، 30 سبتمبر 2011

16- باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ



16- باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ
1534 - عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ : 

أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ : 
صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ .

===============================
قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك‏)‏ :
 أورد فيه حديث عمر في ذلك، وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما حكاه عن الآتي الذي أتاه‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏آت من ربي‏": هو جبريل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال صل في هذا الوادي المبارك‏)‏ : يعني وادي العقيق، وهو بقرب البقيع بينه وبين المدينة أربعة أميال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقل عمرة في حجة‏)‏ : أي : قل جعلتها عمرة، وهذا دال على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وسيأتي بيان ذلك بعد أبواب‏.‏

وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة ، وفضل الصلاة فيه .

 وفيه استحباب نزول الحاج في منزلة قريبة من البلد ، ومبيتهم بها ليجتمع إليهم من تأخر عنهم ممن أراد مرافقتهم
 وليستدرك حاجته من نسيها مثلا فيرجع إليها من قريب‏.‏


*************** 

1535- عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي قِيلَ لَهُ :
 إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ 

وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ
يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

وَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ".

===============================

قوله في حديث ابن عمر ‏(‏أنه أري‏)‏ : بضم الهمزة ، أي : في المنام‏.‏
وفي رواية كريمة ‏"‏ رئي ‏"‏ بتقديم الراء أي رآه غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ ‏‏ببطن الوادي ) : تبين من حديث ابن عمر الذي قبله أنه وادي العقيق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ ‏‏يتوخى ) : أي : يقصد
  
(‏ المناخ ‏) : بضم الميم : المبرك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو أسفل‏)‏ : والمراد بالمسجد الذي كان هنا في ذلك الزمان‏.‏

وقوله ‏( بينهم) : أي بين النازلين وبين الطريق .

وقوله ‏(‏وسط من ذلك ) : أي : متوسط بين بطن الوادي وبين الطريق .


الفوائد :
1-    فضل وادى العقيق ، وأنه واد مبارك كما أخبر بذلك جبريل عليه السلام .

2-    فضل الصلاة فيه . 

3-    استحباب نزول الحاج في منزلة قريبة من البلد ، ومبيتهم بها ليجتمع إليهم من تأخر عنهم ممن أراد مرافقتهم

4-    اتباع الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه


14 ، 15 - باب خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ



14- باب
1532- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا .
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ .
===============================

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ كذا في الأصول بغير ترجمة، وهو بمنزلة الفصل من الأبواب التي قبله .
 ومناسبته لها : من جهة دلالة حديثه على استحباب صلاة ركعتين عند إرادة الإحرام من الميقات .
 وقد ترجم عليه بعض الشارحين ‏"‏ نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة ‏"‏ .

قوله‏:‏ ‏(‏أناخ‏)‏: أي : أبرك بعيره، والمراد أنه نزل بها‏.‏
والبطحاء قد بين أنها التي بذي الحليفة‏.‏

وقوله : "‏فصلى بها ‏"‏ :  يحتمل أن يكون للإحرام ويحتمل أن يكون للفريضة .
وسيأتي من حديث أنس : 
‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين ‏"‏ .

    ثم أن هذا النزول يحتمل أن يكون في الذهاب ، وهو الظاهر من تصرف المصنف .
    ويحتمل أن يكون في الرجوع ويؤيده حديث ابن عمر الذي بعده بلفظ :
‏"‏ وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى أصبح ‏"‏.
 
ويمكن الجمع بأنه كان يفعل الأمرين ذهابا وإيابا والله أعلم‏.‏

************ 
 
15- باب خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ

1533- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ
وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مسْجِدِ الشَّجَرَةِ
وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ " .

==================================

قوله‏:‏ ‏(‏باب خروج النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الشجرة‏)‏:
قال عياض‏:‏ هو موضع معروف على طريق من أراد الذهاب إلى مكة من المدينة
 كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى ذي الحليفة فيبيت بها
 وإذا رجع بات بها أيضا ودخل على طريق المعرس ، وهو مكان معروف أيضا، وكل من الشجرة والمعرس على ستة أميال من المدينة لكن المعرس أقرب.

قال ابن بطال‏:‏ كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك كما يفعل في العيد يذهب من طريق ويرجع من أخرى.

وقد قال بعضهم‏:‏ أن نزوله هناك لم يكن قصدا وإنما كان اتفاقا .
والصحيح أنه كان قصدا لئلا يدخل المدينة ليلا
ويدل عليه قوله ‏"‏ وبات حتى يصبح ‏"‏  
ولمعنى فيه وهو :  التبرك به ، كما سيأتي في الباب الذي بعده‏.‏


 


13- باب ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ الْعِرَاقِ


13- باب ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ الْعِرَاقِ
1531- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
"  لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ
أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا
وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا
وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا
قَالَ:  فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ " .
             ==============================

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذات عرق لأهل العراق‏)‏ : سمي بذلك لأن فيه عرقا وهو الجبل الصغير، وهو الحد الفاصل بين نجد وتهامة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما فتح هذان المصران‏)‏ : والمصران تثنية مصر والمراد بهما الكوفة والبصرة وهما سرتا العراق .
 والمراد بفتحهما غلبة المسلمين على مكان أرضهما، وإلا فهما من تمصير المسلمين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو جور‏)‏ : والجور الميل عن القصد ، ومنه قوله تعالى "وَمِنْهَا جَائِرٌ" ( النحل : 9)

قوله‏:‏ ‏(‏فانظروا حذوها‏)‏ : أي اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير ميل فاجعلوه ميقاتا .
 وظاهره أن عمر حد لهم ذات عرق باجتهاد منه .

    واستدل به على أن من ليس له ميقات أن عليه أن يحرم إذا حاذى ميقاتا من هذه المواقيت الخمسة، ولا شك أنها محيطة بالحرم :
 - فذو الحليفة شامية ويلملم يمانية فهي مقابلها وإن كانت إحداهما أقرب إلى مكة من الأخرى
 - وقرن شرقية والجحفة غربية فهي مقابلها وإن كانت إحداهما كذلك
 - وذات عرق تحاذي قرنا

 فعلى هذا فلا تخلو بقعة من بقاع الأرض من أن تحاذي ميقاتا من هذه المواقيت
 فبطل قول من قال من ليس له ميقات ولا يحاذي ميقاتا هل يحرم من مقدار أبعد من المواقيت أو أقربها‏؟‏
..............
ثم إن مشروعية المحاذاة مختصة بمن ليس له أمامه ميقات معين، فأما من له ميقات معين كالمصري مثلا ؛ يمر ببدر وهي تحاذي ذا الحليفة ، فليس عليه أن يحرم منها،  بل له التأخير حتى يأتي الجحفة والله أعلم‏.‏


الأبواب من 8- 12

8- باب مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا يُهِلُّوا قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ
1525- (أسند فيه طرفا من ح ابن عمر المشار إليه قبل بابين )
===========================
واستنبط المصنف من إيراد الخبر بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعين ذلك .
وأيضا فلم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة .
 ولولا تعين الميقات لبادروا إليه لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجرا.

 *********

9- باب مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ
1526- أورد فيه حديث ابن عباس وقد تقدم قبل باب .

**********
10 - باب مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ
1527 ، 1528-  أورد فيه حديث ابن عمر .

*********

11- باب مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ
1529- أورد فيه حديث ابن عباس .

===================== 

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل من كان دون المواقيت‏)‏ : أي دونها إلى مكة .

 ***********
12- باب مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ
1530- أورد فيه حديث ابن عباس ‏.‏

************

الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

7- باب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ


7- باب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
1524- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ،  وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ .
هُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ
وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ .
======================================
قوله : باب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ
المُهَلّ : موضع الإهلال، وأصله : رفع الصوت لأنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الإحرام، ثم أطلق على نفس الإحرام .

قوله : وَقَّتَ : أي حدد، وأصل التوقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به ثم اتسع فيه ، فأطلق على المكان أيضا.
وقال ابن دقيق العيد‏:‏ قيل إن التوقيت في اللغة التحديد والتعيين .
 وقوله هنا ‏"‏ وقت ‏"‏ يحتمل أن يريد به التحديد أي : حد هذه المواضع للإحرام.
وقال عياض‏:‏ وقت أي : حدد، وقد يكون بمعنى أوجب‏.‏
ومنه قوله تعالى ‏: " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا " انتهى‏.‏
ويؤيده الرواية الماضية بلفظ ‏"‏ فرض‏"‏‏.‏

قوله : " ذَا الْحُلَيْفَةِ" مكان معروف بينه وبين مكة مائتا ميل غير ميلين ، قاله ابن حزم‏.‏ وقال غيره‏:‏ بينهما عشر مراحل‏ ، وقال النووي‏:‏ بينها وبين المدينة ستة أميال،وبها مسجد يعرف بمسجد الشجرة خراب، وبها بئر يقال لها بئر علي‏.‏

قوله : الْجُحْفَةَ : ‏‏ قرية خربة بينها وبين مكة خمس مراحل أو ستة.
 وسيأتي في حديث ابن عمر أنها مهيعة بوزن علقمة وقيل بوزن لطيفة، وسميت الجحفة لأن السيل أجحف بها، قال ابن الكلبي‏:‏ كان العماليق يسكنون يثرب، فوقع بينهم وبين بني عُبِيل - وهم إخوة عاد - حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة ، فجاء سبل فاجتحفهم ، أي : استأصلهم فسميت الجحفة‏.‏
    والمكان الذي يحرم منه المصريون الآن : رابغ ، قريب من الجحفة، واختصت الجحفة بالحمى فلا ينزلها أحد إلا حم ، كما سيأتي في فضائل المدينة‏.‏

قوله : وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ : أما نجد فهو كل مكان مرتفع وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها الشام والعراق‏.‏
والمنازل : جمع المنزل، والمركب الإضافي هو اسم المكان، ويقال له قَرن أيضا بلا إضافة .
    وحكى الروياني عن بعض قدماء الشافعية أن المكان الذي يقال له قرن موضعان‏:‏ أحدهما في هبوط وهو الذي يقال له قرن المنازل، والآخر في صعود وهو الذي يقال له قرن الثعالب والمعروف الأول‏.‏
    وقرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة ذراع، وقيل له قرن الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب، فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت، وقد وقع ذكره في حديث عائشة في إتيان النبي صلى الله عليه وسلم الطائف يدعوهم إلى الإسلام وردهم عليه قال ‏"‏ فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ‏"‏ .

    ووقع في عبارة القاضي حسين في سياقه لحديث ابن عباس هذا ‏"‏ ولأهل نجد اليمن ونجد الحجاز قرن ‏"‏ ، وهو المعتمد فإن لأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقين‏:‏ إحداهما طريق أهل الجبال وهم يصلون إلى قرن أو يحاذونه فهو ميقاتهم كما هو ميقات أهل المشرق، والأخرى طريق أهل تهامة فيمرون بيلملم أو يحاذونه وهو ميقاتهم لا يشاركهم فيه إلا من أتى عليه من غيرهم‏.‏

قوله : وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ :  مكان على مرحلتين من مكة بينهما ثلاثون ميلا ويقال لها ألملم بالهمزة وهو الأصل والياء تسهيل لها .

(‏تنبيه‏)‏ أبعد المواقيت من مكة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة
فقيل الحكمة في ذلك : أن تعظم أجور أهل المدينة .
 وقيل : رفقا بأهل الآفاق ؛ لأن أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة ، أي ممن له ميقات معين‏.‏

قوله : هُنَّ لَهُنَّ :أي المواقيت المذكورة لأهل البلاد المذكورة‏.‏

قوله : وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ : أي على المواقيت من غير أهل البلاد المذكورة، ويدخل في ذلك من دخل بلدا ذات ميقات ومن لم يدخل .
 فالذي لا يدخل لا إشكال فيه ، إذا لم يكن له ميقات معين .
 والذي يدخل فيه خلاف : كالشامي إذا أراد الحج فدخل المدينة فميقاته ذو الحليفة لاجتيازه عليها ، ولا يؤخر حتى يأتي الجحفة التي هي ميقاته الأصلي، فإن أخر أساء ولزمه دم عند الجمهور .

قوله : مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ : فيه دلالة على جواز دخول مكة بغير إحرام .

قوله : وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ : أي بين الميقات ومكة‏.‏

 قوله : فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ : أي فميقاته من حيث أنشأ الإحرام إذ السفر من مكانه إلى مكة .
    ويؤخذ منه أن من سافر غير قاصد للنسك ، فجاوز الميقات ، ثم بدا له بعد ذلك النسك أنه محرم من حيث تجدد له القصد ، ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات لقوله ‏"‏ فمن حيث أنشأ‏"‏‏.‏

 قوله : حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ : أي لا يحتاجون إلى الخروج إلى الميقات للإحرام منه، بل يحرمون من مكة كالآفاقي الذي بين الميقات ومكة ، فإنه يحرم من مكانه ، ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاص بالحاج .
    وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل كما سيأتي بيانه في أبواب العمرة‏.‏

    واختلف فيمن جاوز الميقات مريدا للنسك فلم يحرم، فقال الجمهور‏:‏ يأثم ويلزمه دم، فأما لزوم الدم فبدليل غير هذا، وأما الإثم فلترك الواجب‏.‏
    وقد تقدم الحديث من طريق ابن عمر بلفظ ‏"‏ فرضها ‏"‏ وسيأتي بلفظ ‏"‏ يهل ‏"‏ وهو خبر بمعنى الأمر ، والأمر لا يرد بلفظ الخبر إلا إذا أريد تأكيده، وتأكيد الأمر للوجوب .
    وسبق في (العلم) بلفظ ‏"‏ من أين تأمرنا أن نهل ‏"‏
    ولمسلم من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر ‏"‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة‏"‏‏.‏
وذهب عطاء والنخعي إلى عدم الوجوب، ومقابله قول سعيد بن جبير لا يصح حجه وبه قال ابن حزم‏.‏
وقال الجمهور‏:‏ لو رجع إلى الميقات قبل التلبس بالنسك سقط عنه الدم، قال أبو حنيفة بشرط أن يعود ملبيا، ومالك بشرط أن لا يبعد، وأحمد لا يسقط بشيء‏.‏
 ( ا. هـ . فتح البارى )

الفوائد : 
1- أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أراد الحج والعمرة من أهل كل بلد ميقاتا لا يحل لهم تجاوزه بغير إحرام . 

2- ميقات أهل المدينة : ذو الحليفة .  
ميقات أهل الشام : الجحفة .
ميقات أهل نجد : قرن المنازل .
ميقات أهل اليمن : يلملم .

3- من لم يكن من أهل هذه البلاد فميقاته هو البلد الذى يمر به فى طريق سفره .

4- من كان بين مكة والميقات وأراد الحج أو العمرة فإنه يحرم من مكانه .

5- من أراد دخول مكة ولم يرد الحج أو العمرة فيجوز له تجاوز هذه المواقيت بغير إحرام 

6- ميقات أهل مكة لمن أراد الحج مكة نفسها . 

وصل اللهم وسلم وبارك على محمد آله وصحبه